Close Menu
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
    الإثنين, ديسمبر 29, 2025
    • Contact us
    • Sitemap
    • من نحن / Who we are
    • Cookie Policy (EU)
    • سياسة الاستخدام والخصوصية
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام RSS
    صحيفة وطن – الأرشيفصحيفة وطن – الأرشيف
    • الرئيسية
    • تقارير
    • الهدهد
    • حياتنا
    • اقتصاد
    • رياضة
    • فيديو
    • Contact us
    • فريق وكتاب وطن
    صحيفة وطن – الأرشيفصحيفة وطن – الأرشيف
    أنت الآن تتصفح:الرئيسية » تحرر الكلام » الواقع المصري: صراع الأمل والتحديات منذ الثورة في 25 يناير 2011
    تحرر الكلام

    الواقع المصري: صراع الأمل والتحديات منذ الثورة في 25 يناير 2011

    د. بسيوني الخولي6 أكتوبر، 201517 دقائق
    فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr البريد الإلكتروني
    ثورة 25 يناير watanserb.com
    ثورة 25 يناير
    شاركها
    فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني

    *مدخل :
    لم يكن من المنطقي الاعتقاد بأنه يمكن للثورة المصرية أن تنتصر على النظام الأخطبوطي اللعين ، ويمضي الأخير دون أن يخلّف وراءه ، إرساباته المنتنة ، وشوائبه العفنة ، وإفرازاته المريرة ، فتعكر صفو الربيع ، وتعرقل عملية البناء ، وتكيل التهم والفِرى للثورة ، وتحيطها بالشبهات ، وينشط المرجفون ، وتعلو الجلبة ، ويكثر اللغط ، ويختلط الحابل بالنابل ، ويتجسد مشهد الفوضى في بيئة خصبة ومرتع وخيم مشجع على التآمر والخيانة للثورة .
    ومن الخطأ أن نقلل من شأن حثالات النظام المباد ، ومن السطحية أن نيقن أن ذلك النظام لم يعشعش بأفكاره الرهيبة في عقول تلك الحثالات ، ومن الضحالة الاعتقاد بأن ذيل الحية لا يؤذي ، وفي ذات الوقت من الحصافة أن نفقه الواقع حق الفقه ، ونتفاعل معه بصدقية وشفافية ، لننقذ ثورتنا ، ونبرئ ساحتها مما يُلصق بها من تهم ، وبدون هذه الوقفة الصارمة الحازمة سيفلت العقال ، ونخسر كل شيئ ، وسيتبدد حلم الدولة المدنية ، ونفيق على واقع مرير نعاين من خلاله شبح الدولة الفاشلة !!
    ألم نأمل في أن ننقذ البلاد والعباد من الظلم والعسف والقمع ، ألم نعشم في تنقية الأوطان من الفساد ، ألم نصبو نحو دولة وحكم ومجتمع رشيد ، لماذا لم يحدث ذلك فور نجاح الثورة المصرية في تقويض النظام الفاسد ؟! لماذا استُبدِلت الفوضى بالأمل والعشم والصب ، مَن مثير الفوضى ، ومَن مغذيها ، وهل للثورة المصرية صلة بالفوضى ، وهل هي مستجد تلقائي مرتبط بمرحلة ما بعد تقويض النظام المباد ، ومتغير ضمن متغيرات المرحلة الإنتقالية ، أم هي نتاج مؤامرة ، وكيف نَجُبُّ تلك المؤامرة ، ونبرئ ساحة ثورتنا ، ونُبقي عليها نقية طاهرة ، حتى تنطلق في عزم ومضاء نحو غايتها النهائية ، وهي إقامة دولتها ومجتمعها الرشيد ، المرتكز على ركائز ثابتة .
    إن إشكال الفوضى الذي تلى نجاح الثورة المصرية في إزاحة النظام الفاسد ، لهو من أهم الملامح التي شكلت معالم البيئة التي ارتسمت بعيد نجاح الثورة المصرية ، ومن ثم أضحت من أصعب وأول المسائل التي ينبغي أن توجه إليها كافة الجهود والاهتمامات على المستويين : الفكري المنهجي ، والواقعي الإجرائي ، لدراستها وتحليلها والوقوف على فواعلها وتفاعلاتها وإفرازاتها ونتائجها على تلك الثورة .
    وفي دجى النقع يلوح بريق أمل يقيننا أن يبدد ظلمة الفوضى الحالكة ، إنه الشباب عماد أي جيل ، والمجتمع ونظامه هما اللذان يوطدان تلك العماد أو يقوضانها ، وقد أماطت الثورة المصرية اللثام عن جيل من الشباب المبدع العبقري ، الذي تم تهميشه على مدى عقود طويلة ، والذي فجّر الثورة وقادها ، ويحتاج إلى الاعتذار والمواساة والاعتراف بالجميل ، ويحتاج في ذات الوقت للخبرة والتأهيل ، حتي يتمكن من بناء الدولة والمجتمع المصري الجديد.
    والشباب ليسوا وحدهم في الساحة ، فهي مكتظة بشراذم محترفي السياسة ، ومضادات الثورة ، وحثالات النظام الهالك ، تستثمر بيئة التآمر وفوضى الضياع من أجل إجهاض الثورة ، وتسفيه الديمقراطية .
    لقد أظهرت أحداث ما بعد نجاح الثورة أن محترفي السياسة الذين ظهروا على الساحة بعد الثورة يحتفظون للسياسة بمفاهيم المظهرية والتصرفات الدراماتيكية ، كما أن الأحزاب العتيقة البئيسة التي لم تفد الشعب المصري بقدر ممالئة الحاكم وغض الطرف عن الفساد ، بل وتشجيعه على إهدار كرامة الناس وإفساد الحياة الآدمية بكافة مفرداتها وتفاعلاتها .
    المشهد الأول : بيئة التآمر وفوضى الضياع :
    في هذا المقال نتولى توصيف مشهد الفوضى متعدد الفواعل والتفاعلات والإرسابات والنتائج ، الذي تلى ثورة 25 يناير 2011م ، وذلك من خلال ما يلي :
    أولاً : الإخفاق السياسي لقيادات المرحلة الإنتقالية :
    لقد تعاهدنا على الشفافية ، وتقاسمنا على الصدقية ، وتواثقنا على المناصحة ، واتخذنا من كل تلك الفضائل سمات المرحلة الجديدة التي بدأتها الثورة المصرية .
    وانطلاقاً من ذلك نقول بأن كافة القيادات السياسية التي عايشت الثورة وخاضت المرحلة الإنتقالية ، كانت حلقة وصل بين النظام المباد وبين الثورة ، شاءت ذلك أم أبت ، وكانت تلك القيادات بمثابة إحدى المعطيات التي صنعتها التفاعلات التي قدمت للثورة ، ثم التحمت بها ، وربما انصهرت معها في بوتقة واحدة ، فأصبح من الصعب فصل عناصر المركب الذي شكل قوام المرحلة الإنتقالية ، وليس ذلك بعيب أو مأخذ يؤخذ على تلك القيادات ، كما لا يمكن الشك أو التشكيك في صدقيتها أو نواياها في كثير من الأحيان .
    وهذه القيادات إما أنها انفصلت مبكراً عن جسد وبنية النظام المباد وتبرأت منها ، ودأبت على معارضته خارج البلاد ، مترقبة الفرصة للثورة عليه والتطويح به ، وإما أنها انفصلت مع مقدمات الثورة وظهور بواكيرها ، وتبرأت من ذلك النظام ، وتحيزت للثورة ، وإما أنها هي التي قامت بالثورة وأشعلت شرارتها ، وواصلت الدفع بها إلى أن انهار النظام الفاسد .
    ولا يمكن الإدعاء بأن القيادات التي عكفت على تصريف شئون البلاد حال الثورة وبُعيْدها ، كانت خبيرة بالقيادة السياسية ومتضلعة بالحكم ، بل جاءت إلى السياسة والحكم في ظروف دقيقة وأحوال مضطربة ومستقبل غامض ، ففي فترة الثورة واجهت تلك القيادات النظام العاتي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ويتصرف بوحشية لا توصف ، وتصدر عنه أفعال يائسة بائسة .
    وبُعيْد الثورة كانت كافة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في وضعية يُرثى لها ، وخرجت القيادات السياسية من مواجهة النظام الدموي عبر ثورة لم تخل من العنف وإراقة الدماء ، لتدخل إلى مواجهة الأوضاع المتردية عبر مخاطر وتحديات ، استغلها المنافقون والمرجفون لإجهاض الثورة أو وأدها ، وكان ذلك هو حال القيادات السياسية التي قادت الثورة إبان الثورة وبُعيْدها ، ظروف إضطرارية للعمل السياسي ، مع خبرة مفتقدة أو معدومة ، في بيئة مشحونة بالرعب ، وانهيارات لبنية الدولة والمجتمع ، وتيارات فكرية وقوى سياسية متعارضة وربما متصارعة فكرياً وحركياً ، وهكذا ارتسمت ملامح ما يعرف بمرحلة التحول ، وهذه المرحلة وفق منطق الاجتماع السياسي لا بد من أن تعقب الثورات ، لكي تمهد لبناء الواقع الجديد الذي تأمل فيه الثورة وتتمناه .
    وتتعدد نقاط الضعف التي منيت بها القيادات السياسية التي قادت مصر إبان الثورة والمرحلة الإنتقالية ، ويتمثل أهمها في الآتي :
    أ : غياب الخبرة : سبق وأشرنا إلى انعدام الخبرة في تصريف الشأن السياسي ، وما صحبه من ارتباك ناتج عن الصراع مع النظام الذي بات يتسم في معظم الأحوال بالدموية ، ناهيك عن فقدان أو التباطؤ في التواصل مع أبناء الشعب المتعطشين إلى الوقوف على آخر التطورات السياسية .
    ب :غياب التكتل : كذلك هناك غياب بشكل دائم أو في بعض الأوقات للتلاحم والتكتل خلف القيادات السياسية أثناء الثورة والمرحلة الانتقالية ، وربما تطور ذلك الجفاء إلى ما يشبه القطيعة ، بل وقد تحول إلى صدام مع المجلس العسكري .
    ت :غياب القوة والحزم : ثمة مفارقة جديرة بالتأمل وهي افتقاد القيادات السياسية أثناء الثورة وبُعيْدها للقوة والحزم لفرض هيبة الدولة ، فإذا استُخدم الحزم ، تذمر الناس ، ووصفوا تلك القيادات بالاستبداد ، وأنها لا تفترق عن النظام المباد ، حيث أصبحت تتبنى منهجه في القمع ، وتلك القيادات في ذات الوقت تتحاشى الصدام مع أفراد الشعب فرادى أوجماعات ، بل تخطب ودهم وتسترضيهم فهم أصحاب الثورة ، وكان حلّ هذه المفارقة في الانضباط والالتزام الذاتي والحفاظ على النقاء الثوري ، والتمسك بقيم ومبادئ الثورة ، وهذا هو عهد وميثاق الثورة ، ومن يخرج على العهد والميثاق فهو ليس من الثوار ، وعلى هذا الأساس يتم الفرز بصراحة ووضوح وشفافية .
    ث : مضادات الثورة : يضاف إلى ما تقدم قوة مضادات الثورة في مصر ، وقد استهدفت تلك المضادات إحباط أعمال القيادات السياسية ، أو تخريب علاقتها بأفراد الشعب ، ناهيك عن إثارة الفتنة بين أفراد الشعب ، والمثير للدهشة أن ثمة استجابة وقابلية للانقياد لدى القيادات السياسية من ناحية ، ولدى أفراد الشعب من ناحية أخرى ، لما تدبره وتحيكه تلك المضادات من أكاذيب ووقائع ، وما تثيره من فتن وقلاقل .
    ثانياً : إنهيار أو تقاعس مؤسسات الدولة :
    من ملامح مشهد الفوضى كذلك هو إنهيار مؤسسات الدولة أو تقاعسها عن القيام بمهامها ، وبالإضافة إلى كون هذا الملمح هو من ملامح الفوضى ، إلا أنه يحمل في طياته ماهو أخطر وأنكي ، حيث يمثل مقدمة لغياب كيان الدولة ، وانعدام وجودها كشخصية اعتبارية ، وانتهاء هيبتها ، ومن ثم توشك أن تدخل في وضعية اللادولة ، أو ما يُعرف اصطلاحاً بالدولة الفاشلة .
    وللمرء أن يتخيل أنه يعيش في دولة يمكن أن يُعتدى عليه في أي وقت ومن أي أحد ، فمرفق الأمن لا وجود له ، وكذلك مرفق العدالة والصحة والخدمات الأخرى ، فكافة مؤسسات الدولة المختصة بهذه المهام والخدمات ، إما أنها قد انهارت ولم يعد لها وجود ، وإما أنها معطلة بفعل فاعل نكاية في الثورة ، أو لعدم توفر مقومات عملها .
    ثالثاً : إنهيار الاقتصاد المصري :
    من ملامح الفوضى أيضاً إنهيار الاقتصاد المصري أو توعكه بشكل قد يعيقه عن أداء مهامه في مرحلة التحول ذات الطموحات العريضة ، ولك أن تتخيل شعور الفرد عندما لا يجد قوت يومه ومن يعول ، سيصاب بالإحباط الذي يجعله يظن أن الثورة لم تفعل له شيئاً ، بل ربما كانت سبباً فيما آل إليه حاله ، ومن ثم يصبح أكثر قابلية للإنحراف ، والإقدام على نهب وسلب والتعدي على المال العام والخاص ، في وضعية غياب مؤسسات الدولة أو تقاعسها ، كما سبق الإيضاح .
    وقد اندفع الاقتصاد المصري إلى هذا المنزلق ، لأنه اقتصاد هش ومتخلف ، ويعتبر الانهيار أو التوعك الاقتصادي من أخطر ملامح الفوضى وأشدها قتامة في حالة الثورة المصرية وما أعقبها من مرحلة تحول ، حيث أن تلك المرحلة تحتاج إلى مرتكزي الأمن والاقتصاد ، وإذا تبدد الأمن وتلاشى ، واعتل الاقتصاد أو انهار ، فستفشل الدولة وتذهب ريحها .
    رابعاً : غياب القوى السياسية والاجتماعية :
    غياب القوى السياسية والاجتماعية التي يثق فيها المجتمع ، وتشعره بالأمن والأمان ، وظهور الإنتهازية السياسية ، فذهاب واقع وترقب واقع جديد ، عملية تحتاج إلى ثوابت يطمئن إليها الناس ، في المرحلة الإنتقالية التي تتسم بعدم الاستقرار ، وانعدام الثقة ، وسيادة حالة من التوجس والريبة ، وهذا الوسط الموبوء هو نتاج مباشر وطبيعي للنظام المنهار ، الذي غيّب القيم ، وهمش المبادئ ، وأبرز الرذائل أمراً معتاداً ، وأظهر النقائص هي طبائع الأمور .
    في هذه الحالة تصبح أفئدة الناس فارغة هواء ، تتهافت على من يمنحها الأمن والأمان ، ويعيد إليها الثقة في نفسها ، ويمنحها الأمل في الخروج من هذا الكابوس المخيف ، وهنا تبدو أهمية القوى السياسية والاجتماعية التي يثق فيها أبناء المجتمع ، ويشعرون في كنفها بالاطمئنان ، وأنها ستخرجهم من الضياع والهوان إلى الاستقرار ، ومن الطبيعي أن تتبارى القوى السياسية والاجتماعية في تقديم نفسها على أنها هي المنقذ المنتظر والبطل المخلّص ، وتشرع في تكييف وتوصيف الحالة ، ثم وصف العلاج ، من خلال عرض ما لديها من رؤى وطروحات وآليات ، وما حدث أن القوى السياسية والاجتماعية في المجتمع المصري الحاضن للثورة ، لم تكن محل ثقة إجماع ذلك المجتمع ، حيث كان يُنظر إليها على أنها إفراز عهود الفساد ، ونتاج أزمنة السقم والاعتلال .
    لقد اتسمت القوى السياسية والاجتماعية المشار إليها بالفعل بالركاكة والهشاشة وانعدام اللون والطعم والرائحة ، وبالرغم من ذلك سلكت سبيل التزلف والنفاق ، وعمدت نحو تغييب وعي الناس وتعمية إدراكهم ، ومن ثم نأت عن الموضوعية والواقعية ، فتحولت إلى أحد ملامح الفوضى في المجتمع المصري .
    خامساً : غياب صنّاع الرأي من أهل الثقة والنزاهة :
    يرتبط بما تقدم أن إخفاق القوى السياسية والاجتماعية في إثبات وجودها ، وانعدام قدرتها على القيام بالدور المتوقع لها ، قد صحبه غياب القيادات الفكرية وصناع الرأي من أهل الثقة والنزاهة ، لأن الجميع تحولوا إلى أصحاب برامج سياسية وتوجهات أيديولوجية ، فاستغلقت الأمور على الناس وغُمّ عليهم ، فعزت الحقيقة ، وندرت الصدقية ، وتشكك الناس في كل أمر ، وارتابوا في كل شيئ ، ولم يعد من ملجأ يلجئون إليه ، فكثرت الشائعات ، وانتشرت الأكاذيب ، وتشكل ملمح آخر من ملامح الفوضى .
    سادساً : تخبط إعلامي وتغييب وتزييف للوعي :
    من ضمن تركة الفساد التي خلّفها النظام المنهار ، الإعلام الساذج السفيه ، ووسائله المبتذلة المُسِفّة ، فلم يدر في خلد الكثير من الناس حتى المتعلمين أن ثمة فارقاً بين الإعلام ، الذي هو رسالة تحمل موقفاً فكرياً ، أو توجهاً ، أو رؤية ، أو قناعة ، أو حقيقة ، أو معتقداً ، موجهة نحو مخاطب مقصود بالضرورة ، من أجل إخباره ، واقناعه بمنطق الرسالة ، للحصول على تأييده ، أو تعاطفه ، أو إثارته واستفزازه ، وبين وسائل الإعلام ، التي هي الوسائط ، التي تتولى نقل الرسالة المشار إليها ، وهذه الوسائط قد تكون مقروءة ، أو مسموعة ، أو مسموعة مرئية .
    وللأسف أنه ما كدنا نفتك من زمرة الدجالين الأفاكين المهرجين ممن يُسموْن بالإعلاميين في عهود الفساد ، حتى خرج علينا منذ انبلاج ثورة 25 يناير نوعان آخران : الأول من أصحاب الأقلام والأصوات والوجوه المستهلكة والمتهالكة ، والتي تصر على فرض نفسها على القارئ والمستمع والمشاهد رغم أنفه ، عادت في قناع جديد ، وكأنها الوحيدة التي تملك العطاء في ذلك المجال دون غيرها .
    والثاني من الصبية والمراهقين الذين لم يكونوا أبداً على مستوى الحدث ، فكيف لصبي أو مراهق غير متخصص في أي شيئ ، ولا يحسن صياغة ولهج جملة بلغة الضاد ، أن توكل إليه مهمة توصيل رسالة غاية في الأهمية ، في مرحلة نهاية في الخطورة ، هدفها صياغة فكر ، وتشكيل عقل ، وبناء منطق .
    أين الثقة من الكفاءات الشابة الرصينة التي تشمر عن ساعد الجد ، وتتقدم مسيرة العطاء ، وتطرح مفردات ثقافة الإبداع ، التي ينبغي أن تكون ثقافة الدولة المدنية الرشيدة في حقبة ما بعد الثورة ، أحقاً لم تكن توجد هذه الكوكبة ، أم ضُيّق عليها ، كما ضُيّق على المبدعين والمجتهدين والعباقرة في عهود الجهل والظلام ، من قبل دكتاتورية العقل المتخلف الجامد الجاهل !! ومرة أخرى وليست أخيرة ، افتقد الناس الخبر اليقين ، وافتقدوا كذلك الوسيلة المقنعة ، وبتنا في حيص بيص ، وأخذت الفوضى تضرب بأطنابها .
    سابعاً : انفتاح الداخل على الخارج بشكل غير منضبط :
    من غير المُحبّذ الانغلاق والإنكفاء على الذات ، فهو ردة إلى الخلف ، ومن غير المنطقي في ذات الوقت الانفتاح على الخارج ، بشكل يُمكّن ذلك الخارج من العبث في مفردات ومقدرات الداخل ، بما يجعله حمى مستباحاً ، فللداخل حرمته وقداسته ففيه الخصوصية والهوية والذاتية ، وللإطلال على الخارج ، واستقباله في الداخل ضوابطه ومحاذيره ، وهي ليست البوليسية بمعناها الآفل ، ولكنها قدرة المواطن المصري على الفرز عبر تحكيم نسق قيمي رفيع يفرق بين الغث والسمين .
    لقد شهد المجتمع المصري خلال الثورة وبعيدها حالة من انفتاح الداخل على الخارج ، بشكل مكّن ذلك الخارج من العبث في مفردات ومكونات الداخل ، ما أجج الفوضى ، فليس كل ما يأتي من الخارج حميداً ، وليس كل نواياه حسنة .
    ثامناً : تلاشي المؤسسات الأمنية بطريقة ثأرية تآمرية :
    كذلك كان من أنكى ملامح الفوضى وأشدها وقعاً على النفس ، تبدد واختفاء المؤسسات الأمنية بطريقة تثير الشك والريبة ، فالطريقة التي هربت بها المؤسسات الأمنية في مصر أثناء الثورة ، تنم عن النهج الثأري الانتقامي من الشعب الذي رفض الأسلوب القمعي الدموي لتلك المؤسسات ، وتشي تلك الطريقة في ذات الوقت بالعقلية التآمرية ، التي تفكر بها تلك المؤسسات على الثورة المصرية ، وهذا التآمر هو فعل من أفعال العصيان والخيانة للمجتمع ، الذي يملك شرعية الحكم على هذه المؤسسات ومحاسبتها وعقابها .
    تاسعاً : حرية حركة وفعالية مضادات الثورة :
    لغياب التواصل العضوي الدائم بين الشعب والقيادات ، وغياب الشفافية والوضوح والدقة ، وغياب القانون ، وغياب تفعيل العدالة الناجزة ، نشطت مضادات الثورة في مصر ، وينبغي أن نعلم أنه لا يوجد منهجياً ما يسمى “بالثورة المضادة” فالثورة لا يمكن تحليلاً أن تنقلب أو ترتد على نفسها ، أو تحدث مرتين في اتجاهين متضادين ، وهذا إن حدث فله معنى آخر هو ما يعرف بالصراعات الداخلية ، التي يمكن أن تتطور إلى حروب أهلية .
    ولكن ما حدث بالفعل هو أن ثمة شراذم : من بقايا وحثالات النظام الهالك ، وأخرى من الإنتهازيين الذين لم يروا في الثورة مغنماً ، وأخرى من الذين أيقنوا بأن الثورة ستضر بهم ، كأن تكشف فسادهم ، أو تجردهم من ميزات سطوا عليها ، وأخرى أفئدتها هواء تهيم على وجوهها في حاجة إلى من يقودها ويسيّرها ، كل هذه الشراذم انخرطت في مواجهة خبيثة مضمرة مع الثورة ، من خلال وسائل إشعال الفتنة ، ونشر الشائعات ، ونفث الدسائس ، وإحاكة المؤامرات ، والمشي بالوقيعة ، وإثارة حالات الإحباط واليأس ، وإذكاء الشرور والموبقات ، والخروج على الأنساق القيمية والأخلاقية والمبادئ ، وخرق القوانين وخدش الذوق العام وكسر النظام العام ، ومن شأن كل ذلك أن يحرج الثورة والثوار ، ويشيع الفوضى ، ويظهر السلطات الجديدة بمظهر العجز والقصور وانعدام الجدارة بالقيادة .
    عاشراً : ضحايا مضادات الثورة :
    يرتبط بما تقدم مباشرة إستسلام قطاعات متزايدة من المجتمع المصري للسموم التي تنفثها مضادات الثورة ، حيث يسقط البسطاء من عموم الشعب المصري ضحايا الأفكار الهدامة ، التي تشيعها تلك المضادات كما سبق الإيضاح .
    ولهؤلاء البسطاء عذرهم ، فقد تُركوا لتنفرد بهم مضادات الثورة وتحولهم إلى معاول هدم ، من خلال السيطرة على عقولهم وتجنيدهم في صفوفها ، ووضعية هؤلاء البسطاء هي بالفعل وضعية بائسة ، فهم في زمن الفساد لم ينالوا خيراً ، وطموحاتهم العريضة كادت تتحطم على صخرة المتناقضات التي تعج بها المرحلة الانتقالية ، فلم يسأل أحد عن هؤلاء ، ولم يحتضنهم ويطمئنهم على مستقبلهم ، أو يفرّج عنهم من خلال ولو بعض المكتسبات المرحلية ، وهم تواقون إلى الحرية والتعبير عن بؤسهم وهوانهم ، وهذا يفسر كثرة وتعدد الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية التي تم تراكمها وترحيلها عبر السنين في صدور هؤلاء البسطاء الذين كانوا بمثابة هوام عند الحكام السابقين .
    فالنقائص التي تجمعت من إخفاق سياسي لقيادات المرحلة الإنتقالية ، إلى إنهيار أو تقاعس مؤسسات الدولة ، إلى إنهيار أو توعك الاقتصاد ، إلى غياب القوى السياسية والاجتماعية التي يثق فيها المجتمع ، وتشعره بالأمن والأمان ، إلى ظهور الإنتهازية السياسية ، إلى غياب صنّاع الرأي من أهل الثقة والنزاهة ، إلى تخبط إعلامي وتغييب وتزييف للوعي ، إلى انفتاح الداخل على الخارج بشكل غير منضبط ، إلى تلاشي المؤسسات الأمنية بطريقة ثأرية تآمرية ، إلى حرية حركة وفعالية مضادات الثورة ، إلى تسلل بعض خلايا مضادات الثورة واندساسها في جسد الثورة ، وانتهاءً بسوء فهم وتصرف قطاعات من الثوار ، كل ذلك له خطورته على واقع هؤلاء المذبذبين الذين تتنازعهم الثورة بوعودها من ناحية ، ومضاداتها بأسلحتها الفتاكة من ناحية أخرى .
    إن هؤلاء البسطاء بدت خطورتهم بالفعل على واقع حال الثورة المصرية عندما قُدّر لمضادات الثورة أن تجندهم في صفوفها بأساليب جهنمية ، ثم تزج بهم في أعمال تخريبية ، فيصبحوا ملمحاً من ملامح الفوضى في مصر .
    حادي عشر : تسلل خلايا من مضادات الثورة واندساسها في جسد الثورة :
    لم تكتف مضادات الثورة بما أوضحنا من تصرفات بشعة في حق الثورة ومجتمعها ، بل أقدمت على ما هو أبشع ، إذ تسللت خلايا من تلك المضادات ، وتَزيّت بزي الثورة ورفعت شعاراتها ، بل وأمست أكثر ثورية من الثوار أنفسهم !! وبذلك باتت في مأمن من أي هجوم يفضح أمرها ، أو تحري يكشف سرها ، ولها عندئذ أن تنخر في عظام الثورة ، وتلوث دماءها ، وتسرطن جسدها ، بأقوال وأفعال وتصرفات وسلوكات مخجلة بل ومدمرة ، حاشى للثوار أن يقترفوها أو يقربوها ، ولكن هذه المكيدة ليست على الثوار بخافية ، فسوف يتم الفرز ، ويبين الخبيث من الطيب !! إلا أن هذه الأفعال الخسيسة الدنيئة من مضادات الثورة قد استحالت إلى بصقة نتنة في مستنقع الفوضى الآسن ، الذي زكم الأنوف الشم للثوار .
    ثاني عشر : هينات وهفوات الثوار :
    يُذيّل هذه المصفوفة من تقاطيع الوجه البشع للفوضى ، ملمح أخير ، لعله أقساها جميعاً ، وأشدها إيلاماً ، وإدماءً للقلب ، وهو ما انتاب بعض الثوار ، فرادى أو جماعات ، من عدم فهم أو سوء تصرف ، وبالرغم من أن هذه مسألة ليست بدعاً ، ومحتملة الحدوث ، إلا أن عواقبها الوخيمة تجسدت في أمرين : الأول ، أنها استُغلت استغلالاً سيئاً ومسيئاً للثورة من قبل مضاداتها ، والأمر الثاني ، أنها كادت أن تحدث الفرقة والوقيعة بين الثوار .
    صفوة القول أنه في حالة غياب التحليل المنهجي ، وعدم وضوح الرؤية ، يتسلل المرجفون إلى عقول الناس ، فيدخلون في روعهم ، أن الثورة هي المسئولة عن الفوضى التي اكتملت صورتها من جملة الملامح التي فصّلناها بحيادية ودون مواربة ، فما دخل الثورة وما جريرتها في كل ما تقدم ؟ ولعل هذه من أهم الاختبارات التي محصت الثورة والثوار .


    اقرأ أيضًا

    • أرشيف وطن أونلاين
    • أحدث تقارير وتحليلات وطن
    • آخر الأخبار العربية والدولية
    شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr البريد الإلكتروني

    المقالات ذات الصلة

    بين ترامب والسيسي

    27 يناير، 2025

    غسالة، فرن، غسالة صحون.. في أي وقت يجب استخدام هذه الأجهزة لخفض الاستهلاك؟

    1 مارس، 2023

    نموذج قطر: مدرسة في “إدارة التحالفات” الدولية المتميزة

    17 فبراير، 2022
    اترك تعليقاً إلغاء الرد

    اقرأ أيضاَ

    جدل واسع بعد رسالة أحمد السقا إلى ليفربول دعمًا لمحمد صلاح تتحول إلى عاصفة انتقادات

    13 ديسمبر، 2025

     أبوظبي تفرش السجاد لحاخام صهيوني.. وغلام ابن زايد يستقبله!

    13 ديسمبر، 2025

    تمساح أرعب قرية مصرية ثم تحول إلى “بطل كوميدي”!

    13 ديسمبر، 2025

    آراوخو يحج إلى تل أبيب.. رحلة مثيرة تهز برشلونة ومتابعيه

    13 ديسمبر، 2025

    البؤرة التي تخفيها كلمة “مزرعة”.. مشروع تمدّد استيطاني يقوده جندي احتياط

    13 ديسمبر، 2025

    “الفاشر جحيم مفتوح”.. تحقيق صادم لـ واشنطن بوست!

    13 ديسمبر، 2025

    تحركات إماراتية مشبوهة في أوروبا.. ما وراء الكواليس!

    13 ديسمبر، 2025

    “لعنة السودان” تُطارد آل نهيان في عواصم الغرب!

    11 ديسمبر، 2025

    أبوظبي المنبوذة.. الحملة تتسع وجامعات العالم تُقاطع الإمارات

    11 ديسمبر، 2025

    حين يكشف الوجه الحقيقي.. محمد صبحي من نصوص الأخلاق إلى اختبار السائق 

    11 ديسمبر، 2025

    أخطر من بيغاسوس.. هاتفك ليس آمنا والموساد يسمعك؟!

    10 ديسمبر، 2025

    تحت دخان أبوظبي.. الرّياض تسحب قواتها من اليمن

    10 ديسمبر، 2025

    غزّة تغرق.. يا مطر لا تقسو على شعب الخيام

    10 ديسمبر، 2025

    الموساد يفجّر المفاجأة.. خطة سرّية لتسليح مصر والسعودية بالنووي

    10 ديسمبر، 2025

    فضيحة «الجرو القاتل».. داء الكلب يضرب جيش الاحتلال

    10 ديسمبر، 2025
    © 2025 جميع الحقوق محفوظة.

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter