وطن– نشرت مجلة “ماري كلار” الفرنسية، تقريرًا سلّطت من خلاله الضوء على تأثير الكافيين على جسم الإنسان، وعواقب استهلاكه المُفرط، علمًا بأنّه كلّ دقيقة في العالم، يتمّ شرب ما معدّله 2.3 مليون فنجان قهوة.
ولا شكّ في أنّ القهوة، مشروب مشهور بمذاقه الفريد وتأثيره المنشّط، ويتكون هذا الأخير أساسًا من الكافيين؛ وهو مركّب كيميائي له تأثيرات متعددة على الجسم. إذ إن له تأثيراً إيجابياً على انتباهنا من خلال سطوته على نظامنا العصبي المركزي.
ولكن على الرغم من دراسة تأثير الكافيين على جسم الإنسان على نطاق واسع، فإنه لا تزال بعض تأثيراته غير معروفة إلى الآن، حيث أوضحت فايزة بوسي، المتخصصة في التغذية قائلة: “آليات الكافيين المعقدة ليست معروفة بعد، لأنها تعمل على مستقبلات الأدينوزين. ولكن ما نعرفه هو أن له تأثيرات منشّطة ومحفزة نفسية، سواء كانت تزيد من معدل ضربات القلب أو لها تأثير موسّع للقصبات ومدرّ للبول”.
كما أضافت: “القهوة تؤدي أيضًا دورًا مهمًا في إنتاج الجلوكوز، وهو أمر مثير للاهتمام في الوقاية من مرض السكري. علاوة على ذلك، هناك اكتشاف حديث آخر، وهو أنّ الكافيين يقلّل من تفاعل الالتهاب، ويجعل الأوعية أقل التهابًا، ما يقلل من خصر الإصابة باحتشاء عضلة القلب والسكتة الدماغية”.
دراسة علمية: القهوة تقلّل من أمراض الكبد لدى مرضى السكري من النوع الثاني
النوم وصحة القلب والأوعية الدموية: الآثار “الخطيرة” للكافيين
أوضحت ماري لور أندريه، المتخصصة في التغذية: “يحفز الكافيين إنتاج الأدرينالين، ويزيد من يقظتنا، ولكنه يمنع الأدينوزين من القيام بوظيفته؛ وهو ناقل عصبي يعزّز عملية النوم. بالإضافة إلى تأثيره السلبي على نومنا، فإن الوقت الذي نشرب فيه القهوة، يؤدي دورًا مهمًا في صعوبة هضم هذا المشروب الأسود”.
من جهتها، أوردت فايزة بوسي: “يمكن أن يكون للكافيين تأثيرٌ ضارّ، عندما نشرب القهوة على معدة فارغة، خاصة على الجهاز الهضمي العلوي، لأنه منتج مرّ. ناهيك بأنه إذا كنت تعاني من ارتجاع المريء، فهذا سيعزّزه. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز الهضمي، لا نوصي بشرب القهوة على معدة فارغة”.
وحسبما ذكرت مجلة Science & Avenir، فإن بعض المتخصصين جادلوا أيضًا بأنّ المشروبَ ضارّ بصحة القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، كشفت دراسة نُشرت في عام 2020 في مجلة نيو إنجلاند الطبية، عن أنّ القهوة تزيد من مستويات الأدرينالين، ما يسبّب زيادة عملية ضغط الدم. لكن هذا تأثير قصير المدى ويميل إلى الاختفاء من خلال تأثير التعود بين المستخدمين العاديين. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي القهوة على مادة البوليفينول التي تقلّل من الإجهاد التأكسدي”.
ومن ناحية أخرى، فإنه في عام 2015، حذّرت INSERM من مخاطر الإفراط في استهلاك القهوة على الصحة. وأشارت إلى أن “شرب أكثر من 400 ملليجرام من الكافيين يوميًا (أي 4 إسبريسو) أمر ضارّ بالجسم. ويُعتقد أن الكافيين الذي يتم تناوله بجرعات عالية له علاقة باضطرابات القلب والأوعية الدموية ومشاكل الجهاز العصبي المركزي (النوم والقلق..)”.
مشروب من شأنه أن يعزّز قدراتنا المعرفية
لكن ثالث أكثر المشروبات استهلاكًا في العالم قد يؤثر علينا حتى قبل أن نضع شفاهنا على الكوب، إذ وجدت دراسة، نُشرت في مجلة Integrative Medicine Research، عام 2019، أنّ “استنشاق رائحة القهوة يحسّن القدرة المعرفية، بما في ذلك استمرارية الانتباه وجودة الذاكرة وسرعتها، وكذلك زيادة درجة اليقظة المزاجية”.
ولكن، التأثير ليس فوريًا، حيث يمكن أن ينتُج بعد 15 إلى 120 دقيقة. ويختلف هذا وفقًا لعدة معايير مثل: الحساسية الجينية، وعلم التشريح، لكن عمومًا يكون متوسط التأثير 30 دقيقة، وفق ما شرحته فايزة بوسي.
كما حددت المتخصصة في التغذية فايزة بوسي: “يختلف مستوى تأثير الكافيين الذي يبقى في أجسامنا لعدة ساعات حسب عدة عوامل. ففي الحرائك الدوائية، يبقى تأثير الكافيين في الجسم نحو 5 ساعات. لكن عند المرأة الحامل يبقى عشر ساعات. أما بالنسبة للمدخنين، فيتقلّص إلى ساعتين. من ناحية أخرى، فإن النشاط البدني يزيد أيضًا من عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي يقلّل من معدل بقاء الكافيين في الجسم، مثل: حبوب منع الحمل على سبيل المثال”.
وشدّدت فايزة بوسي: “القهوة منتج جيد، يمكن أن يعزز من صحتك العقلية والجسدية، بيدَ أنه يمكن أن يكون صديقًا مزيفًا. لذلك، ما عليك إلا معرفة كيفية استخدامه بشكل سليم”.
الطريقة التي تشرب بها قهوتك تغيّر مستوى الكافيين وتأثيراته
لا جرمَ أنّ تأثير الكافيين على الجسم يعتمد بشكل أساسي على كيفية استهلاكه. فاعتمادًا على أنواع القهوة مثل: ريستريتو وإسبرسو، القهوة الإيطالية أو القهوة المصفّاة، ستكون قوة الكافيين أكثر أو أقل، وبالتالي ستعمل بشكل مختلف على الجسم واليقظة.
وعلى سبيل المثال، خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن القهوة المصفّاة غنية بالكافيين أكثر من قهوة الإسبريسو، وفق ما أوضحته فايزة بوسي.
وأوضحت: “بالإضافة إلى ذلك، يختلف محتوى الكافيين أيضًا اعتمادًا على حبوب البن المختارة”.
وأضافت فايزة في هذا السياق: “الحبيبات هي التي تصنع الفارق. إذا كنت تريد محتوًى أعلى، اشترِ نوع القهوة روبوستا بدلاً من أرابيكا”.