“بدأت حرب النفط اللاعنفي بين أكبر المنتجين خاصة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا وإيران عبر إغراق السوق بالسائل الأسود، وأصبحت كل يوم تنتج ما يقرب من 2 مليون برميلا من النفط مع عدم وجود طلب وفقا لوكالة الطاقة الأمريكية. وتحطمت أسعار النفط؛ لأن الغالبية العظمى من المنتجين الرئيسيين للنفط يعتمدون بشدة على عائدات بيعه، وتآكل سعر النفط قتل بسرعة الخزينة في تلك الدول”.
وأضاف موقع “فوربس” في تقرير ترجمته وطن أن التقرير السنوي الذي نشر مؤخرا من قبل منظمة “أوبك”، يعكسُ واقعا كئيبا وقاتما للبلدان ويكشف عن مدى عمق الهوة التي سقطوا فيها، ففي عام 2015 تم خفض عائدات تصدير النفط إلى النصف تقريبا، وانخفضت إلى أدنى مستوى لها في 10 أعوام، وأصبحت دول أوبك تعاني مزيدا من الهبوط في الإيرادات، وخسرت مليارات الدولارات مما دفع الدول المصدرة للنفط لاستخدام احتياطياتها من العملات الأجنبية واستنزاف احتياطيات الطوارئ لتمويل الإنفاق العام.
واستطرد الموقع العبري أنه منذ نهاية التسعينات كانت منظمة أوبك تجمع دائما رصيدا إيجابيا ولكنها مؤخرا أشارت إلى أن ما يزيد على نصف تريليون دولار عوائد لكنها أصبحت خسارة لتلك الدول وهذا العام لأول مرة انتقلت إلى الجانب السلبي وأصبح عجز قدره نحو 100 مليار دولار. مما أدى إلى التدهور السريع في الوضع المالي ووجود انخفاض حاد في قيمة العملات المحلية، وتزايد معدلات التضخم في بعض البلدان النفطية.
ويوضح الموقع أن المملكة العربية السعودية، -على سبيل المثال- ظلت لعقود من الزمن لم تكن تعرف طريقا لعجز الميزانية، لكنها اليوم تضطر إلى التعامل مع واقع جديد من خلال تخفيضات كبيرة في الميزانية، ورفع الضرائب وخفض الأجور.
وعلى الجانب الآخر، في محاولة لزيادة السيولة وسد الثقب الهائل في الميزانية اضطرت الحكومة السعودية لاستخدام المصطلحات التي كانت تقريبا أجنبية ومستبعدة لهم حتى وقت قريب، مثل رفع الدين، وهذا الشهر وصلت ديون الحكومة إلى حجم غير مسبوق بنحو 17.5 مليار دولار واستمرت خطتها لتقسيم وبيع أسهم الشركات الحكومية الأخرى، مثل شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية.
وتم اتخاذ تدابير مماثلة في نفس الوقت من قبل بقية جيرانها في الخليج العربي ولم يقتصر الأمر على المملكة العربية السعودية، بل تمدد الأمر ليطال سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. ولكن في حين أن البلدان الغنية بالنفط كانت تتمتع بدعم قوي مالي، اليوم الدول النفطية ضعيفة وتقريبا بلا حول ولا قوة في مواجهة تسونامي اقتصادي قاتل.
ويقول “فوربس”: على سبيل المثال تضررت نيجيريا، أكبر اقتصاد في إفريقيا وأصبحت تعاني من الركود في أعقاب انهيار أسعار صناعة النفط، ويتوقع أن تحقق نموا سلبيا هذا العام للمرة الأولى في ثلاثة عقود. خاصة وأن 92٪ من عائدات التصدير و 70٪ من إيرادات الدولة تعتمد على بيع المنتجات البترولية، مما يخلق وضعا قاتما أمام الحكومة.
وكما هو الحال في نيجيريا، تعاني أيضا الجزائر وأنغولا وكازاخستان من حرب النفط الحالية التي ينتج عنها الدمار الاقتصادي الكبير، ولكن لا يوجد بلد يسير نحو الانهيار التام على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مثل فنزويلا التي أصبحت أسوأ اقتصاد في العالم، كما هو معروف اليوم من قبل العديد من المعلقين الاقتصاديين، وبلغت معدلات التضخم في الدولة النسبة الأعلى في العالم.


تعليق واحد
دوام الحال من المحال … الوطن العربي غني بموارده المتنوعة بدءا من النفط والمعادن المتنوعة والتركيز على النفط في الدول المنتجة له هو قرار خاطيء للسياسة الاقتصادية لتلك الدول وما نراه اليوم من ترنح سعر برميل النفط في الاسواق العالمية هو بكل تأكيد يجب على الدول المصدرة للنفط ايجاد بدائل عن النفط وذلك باقامة صناعات كبيرة تخدم مصالح الدول وشعوبها وتنبذ سياسة المجتمع الاستهلاكي والاعتماد بالقدر الكافي على السلعة الوطنية وذلك بالتقليل من الاستيراد قدر الامكان … اتوقع للدول المصدرة للنفط ان يكون لها توجه في بدائل جديدة تعتمد عليها بدل التركيز على سلعة واحدة كالنفط …