“إدارة صفحة فيسبوك من دون ترخيص، هذه هي تهمتي التي احتجزوني بسببها”، بهذه الكلمات بدأ رسام الكاريكاتور المصري إسلام جاويش حديثه مع موقع “المونيتور” البريطاني من داخل معرض “القاهرة الدولي للكتاب”، موضحا أنه عقب الإفراج عنه بساعات قليلة، أطلق الجزء الثاني من كتابه “الورقة”، الذي يجمع فيه محصلة ما تتناوله صفحته “الورقة” عبر الـ”سوشيال ميديا”، والتي تحقق انتشارا واسعا برسوم كاريكاتور بسيطة وساخرة تسلط الضوء على الأوضاع في مصر.
وكان قد تم إلقاء القبض على إسلام جاويش والتحقيق معه بتهمة رسم كاريكاتور فيه إسقاطات سياسية تتناول رموز الدولة المصرية في 31 يناير الماضي، إلا أنه عقب موجة من الإحتجاج والجدل عبر صفحات التواصل الاجتماعي، صدر بيان لوزارة الداخلية المصرية يؤكد أن تهمته هي إدارة موقع إلكتروني من دون ترخيص، وتم الإفراج عنه في فبراير عقب استجوابه من دون إدانته”.
وأضاف جاويش في حواره الذي ترجمته وطن أنه من المضحك أنه ليس هناك تراخيص لصفحات فيسبوك.
وأكد استمراره في خطه نفسه بالتعبير عن هموم المواطن المصري الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من خلال الكاريكاتور الساخر عبر الـ”سوشيال ميديا”، معتبرا أن وسيلته الوحيدة لحماية نفسه هي نص الدستور المصري الّذي يمنحه حرية التعبير من دون قيد.
وعن تفاصيل تجربة احتجازه، قال جاويش تم اقتيادي إلى قسم الشرطة لاحتجازي، وأنا لا أعرف تحديدا التهمة التي كنت محل تساؤل في شأنها. لقد حضر أفراد الشرطة إلى الشركة حيث أعمل. ففي البداية، سألوا عن أسماء أشخاص يعملون في الشركة، وبعد أن أخبرتهم أني رسام كاريكاتور، وبعد أن قام أحدهم بفحص رسومي على صفحتي، أخذوني معهم إلى قسم الشرطة، وتمت إحالتي إلى النيابة في الصباح الباكر والتحقيق معي واستجوابي بتهمة أّني أرسم رسوما فيها معاداة للنظام وأسعى لإسقاط رموز الدولة.
وحول مشروعه “الورقة”، أوضح جاويش أنها فكرة مشروع قديم بسيطة جدا ومعروفة عالميا، لكنها غير مستخدمة عربيا، فـ”الورقة” هي أسلوب رسم جميل مقرب من الناس له أشكال عدة تعتمد على فكرة رسوم بسيطة من خلال “استيك فيجر”، ولا تحتوي على تفاصيل كثيرة في الرسم بقدر الفكرة نفسها. وأحاول من خلالها الحديث عن الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية في مصر من وجهة نظر ساخرة. وبعدما أحب الناس أسلوب فكرة “الورقة”، وضعته في كتاب صدر الجزء الأول منه، ونحن نحتفل اليوم بصدور جزئه الثاني.
ولفت جاويش إلى أنه حاليا، هناك تقدم كبير جدا في فن الكاريكاتور السياسي، فثمة رسامو كاريكاتور ممتازون جدا، لديهم أفكار مختلفة ومحبوبة، بينما في السابق كان ما يزيد عن 80 في المئة من الرسامين من أتباع الأنظمة الحاكمة يطبلون لها، مقابل 10 في المئة أو أكثر بقليل كانوا يستطيعون إيصال صوتهم وصوت الشارع ونبضه بطريقة الكاريكاتور الساخر. لقد بات هذا النوع من فن الكاريكاتور يقلق الحكام لأنه أصبح الأكثر قدرة على إيصال الفكرة بسرعة وبساطة، ولا يحتاج الأمر إلى وقت للتفكير حتى يتم الفهم. كما أنه وسيلة تحمل في معانيها أمورا كثيرة، فرسم كاريكاتوري واحد قادر على أن يعبر عن أكثر من قضية، ويصل إلى المتلقي بسهولة من دون عناء.
وأضاف جاويش أنه إلى جانب البساطة، فالأمر الأهم أن تكون هناك مهنية في اتباع الخطوط، أو كما أعتبرها، قواعد لا يجوز لرسام الكاريكاتور أن يخرج عنها. معتبرا أن فن الكاريكاتور هو نقد ساخر، ولكن ينبغي ألا يستخدم الفنان أسلوبا وأدواتا غير لائقة مثلا، لأن الكاريكاتور هو نوع من أنواع الفن الذي يجب أن يحترم الجميع ليحترمه الجميع.
وبالنسبة إلى جاويش فإن أي كاريكاتور يحظى بالموضوعية ولا يتجاوز الأسلوب المتدني في السخرية وقادر على أن يصل بفكرته إلى الناس فهو ناجح، بينما على العكس مهما كانت الفكرة والتعبير والرسم الكاريكاتوري معبرة فلا تحسب بالنسبة إليه كاريكاتورا ناجحا إن لم تلتزم هذه القواعد المهنية في تناول أسلوب السخرية.
وأشار جاويش إلى أن الرسم الكاريكاتوري للطفل السوري آلان الكردي كان بالنسبة له من أهم رسومه. معتبرا أنه كان محط اهتمام في دول كثيرة حول العالم.

