قال مسؤول أوروبي إن المنطقة لن تشهد تشكيل تحالف روسي تركي إيران ، لأن الرئيس رجب طيّب أردوغان حريص على إقامة علاقات طبيعية مع روسيا والحفاظ في الوقت ذاته على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والدول الغربية وإبقاء تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي رغم التوتر بينه وبين الغرب منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وكان الرئيس التركي قدم مقترحا لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لحل الأزمة السورية خلال محادثاتهما الأسبوع الماضي هو الآن محور مشاورات جدية روسية – تركية – إيرانية. وينص اقتراح اردوغان على إعطاء الأولوية لضمان رحيل بشار الأسد عن السلطة والتفاهم على بديل منه، الأمر الذي يشكل منطلقاً لحل الأزمة السورية”.
صحيفة النهار اللبنانية نقلت عن المسؤول الأوروبي المطلّع على هذه المشاورات قوله “لقد تعمّد أردوغان كشف مضمون اقتراحه هذا في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية نشرت عشية محادثاته مع بوتين وهو اقتراح يتضمن النقاط الأساسية الآتية:
أولاً، ليس ممكناً إيجاد حل للصراع في سوريا ما دام الأسد في السلطة، ويجب أن يرحل.
ثانياً، بعد رحيله يمكن البحث عن شخص آخر يخلفه ويكون مقبولاً لدى الجميع.
ثالثاً، يمكن حينذاك تنظيم انتخابات من غير أن يشارك فيها الأسد وتنفيذ عملية الانتقال السياسي، أي انتقال السلطة إلى نظام جديد.
رابعاً، يجب أن نسمح للشعب السوري بأن يختار الحاكم الذي يريده، وهذا هو الحل الوحيد للأزمة.
خامساً، يجب أن تنخرط روسيا وأميركا وتركيا وإيران والسعودية وقطر جدياً في العملية التفاوضية، وأن تتعاون في ما بينها من أجل إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية.
وأوضح المسؤول الأوروبي، كما أفادت الصحيفة، أن عوامل عدة دفعت أردوغان إلى طرح اقتراحه هذا أبرزها ما يأتي:
أولاً، طرح أردوغان هذا الاقتراح ضمن نطاق عملية تحسين العلاقات وتطبيعها مع روسيا في مجالات حيوية عدة، ولو كان يعتقد أن بوتين سيبدي انزعاجاً من مضمونه لما كان كشفه علناً في مقابلة صحافية ثم ناقشه بالتفصيل مع الرئيس الروسي.
ثانياً، الجميع متفقون على أن حل الأزمة السورية لن يكون عسكرياً بل سياسياً وعن طريق المفاوضات.
ثالثاً، يرمي أردوغان باقتراحه إلى مساعدة حليفه الجديد بوتين على الخروج من الورطة السورية بطريقة تحقق مكاسب لموسكو، إذ إنه يرى من الخطأ ربط مصير دور روسيا وإستراتيجيتها بمصير شخص، خصوصاً أنه ليس ممكناً أو واقعياً بناء سوريا الجديدة بعد إنهاء الحرب بالتعاون مع الأسد.
رابعاً، يدرك أردوغان تماماً أن أياً من التكتلين الأساسيين المتصارعين في سوريا، أي تكتل روسيا وايران وحلفائهما وتكتل أميركا والدول المتحالفة معها، لن يستطيع أن يحقق النصر ويفرض على التكتل الآخر شروطه ومطالبه. وعلى هذا الأساس يقترح أردوغان تعاون هذين التكتلين من أجل تطبيق الحل السياسي وإنهاء الحرب وتسوية الأزمة على أساس أن ينطلق هذا الحل من ضرورة حسم مصير الأسد وإبعاده عن السلطة قبل أي شيء آخر.
خامساً، استناداً إلى المسؤول الأوروبي المطلع، وفقا لتعبير الصحيفة، ستؤيد أميركا والدول الحليفة لها وتدعم اقتراح اردوغان هذا إذا وافقت عليه روسيا، لأنه ينسجم مع مطلبها الأساسي القاضي بالتمسّك برحيل الأسد عن السلطة، ولأنه مطابق لقرارات مجلس الأمن وللتفاهمات الدولية التي تطالب بالانتقال إلى نظام جديد تعددي في سوريا يضمن الحقوق المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته من أجل إنهاء الحرب وتسوية الأزمة.
وخلص المسؤول الأوروبي إلى القول بأنه: “ليس متوقعاً أن تعلن روسيا أو إيران موقفاً من اقتراح أردوغان في هذه المرحلة لأنه يتناقض مع مواقفها المعلنة، ولأن الموضوع يحتاج إلى نقاشات معمقة ومفصّلة تساهم فيها الدول المعادية للأسد والمؤثرة في مستقبل سوريا. لكن مجرّد الموافقة الروسية والإيرانية على التشاور في شأن هذا الاقتراح الذي يعطي الأولوية لضرورة رحيل الأسد عن السلطة تعكس مدى صعوبة أوضاع النظام وحلفائه”.

