“خاص- وطن”- كتب شمس الدين النقاز- لا حديث بذكر خلال الـ24 ساعة الأخيرة داخل دوائر القرار المصري والسعودي إلّا عن الخطاب المرتقب للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في البرلمان المصري الأحد وذلك في إطار زيارته الّتي تستمرّ 5 أيّام إلى مصر.
إجراءات استثنائيّة أمرت بها السلطات المصريّة وطبّقتها الشرطة والقوات الخاصة حيث أصدر مجلس النواب، تعليمات إلى أعضائه، بشأن حضور جلسة الملك سلمان تضمنت ترك الهاتف المحمول خارج القاعة، وعدم السماح بدخول السيارات إلى حرم المجلس، والبقاء بالقاعة لحين مغادرة العاهل السعودي لمجلس النواب.
وكان نص الرسالة التي أرسلتها أمانة المجلس إلى النواب بخصوص زيارة الملك سلمان للبرلمان كالتالي:
“السادة النواب بمناسبة تشريف جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين لمجلس النواب، وإلقاء كلمة باجتماع خاص مع السادة النواب بالقاعة الرئيسية باكر الأحد الساعة 12 ظهرًا، نود الإحاطة بأن القاعة سيتم فتحها اعتبارًا من الـ9.30 صباحًا، ويرجى من الجميع ترك التليفون المحمول بالسيارات الخاصة بكم، أو تسليمه على الباب الخارجي، مع الإحاطة بأنه لن يسمح بدخول السيارات سوى سيارات ذوي الإحتياجات الخاصة فقط لتوصيلهم، ثم الخروج مرة أخرى، وأنه سيكون متاحًا لجميع النواب ركن سياراتهم بجراج التحرير، وسيُرفع الإجتماع مباشرة بعد انتهاء كلمة خادم الحرمين الشريفين على أن تعود الجلسة للإنعقاد بجلسة مسائية في اليوم ذاته في الـ3 مساء”.
وتابعت “نرجو من الجميع البقاء في القاعة عقب انتهاء الاجتماع لعدة دقائق، لحين مغادرة خادم الحرمين ومرافقيه، مجلس النواب، ونتمنى التزام الجميع حرصًا على الظهور بالصورة المشرفة لنا جميعًا”.
اليوم المرتقب
جاء يوم الأحد المرتقب الّذي انتظرته مصر بكاملها وانتظره المتابعون، حيث دخل الوفد السعودي المرافق للملك سلمان بن عبد العزيز قبل دقائق من إلقائه الخطاب إلى القاعة الرئيسية بمجلس النواب، وجلس الوفد المرافق في المقاعد الرئيسية “تحت القبة”، استعدادا للكلمة التاريخية التي يلقيها الملك سلمان بحضور الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس.
رئيس مجلس النواب المصريّ استقبل الملك سلمان وهو يمنّي النفس أن يتمّ استقباله في المملكة في قادم الأيّام استقبالا يليق بالإستقبال التاريخي الّذي حظي به العاهل السعودي داخل قبّة البرلمان، حيث أنّه من المقرّر أن يترأّس الدكتور علي عبد العال وفداً برلمانياً، للذهاب إلى المملكة العربية السعودية، للتنسيق مع مجلس الشورى السعودي في جميع المجالات.
قبل خطاب الملك سلمان بساعات توافد أعضاء مجلس النواب المصري على غير عادتهم باكرا على القاعة الرئيسية بالبرلمان، استعدادا لاستقبال الملك السعودي ولحضور الكلمة التاريخية التي يلقيها من البرلمان في تمام الساعة 12 ظهرا، وحرص النواب على الوصول مبكرا والدخول إلى القاعة، لضمان حجز الأماكن الأمامية خوفا من امتلاء القاعة.
وفي الوقت نفسه، ذكرت مصادر برلمانية، أن أبرز أسماء الوفد السعودي، المدعو لحضور كلمة خادم الحرمين، هم “الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، والأمير خالد بن فهد بن خالد بن محمد بن عبد الرحمن، والأمير منصور بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، والأمير طلال بن سعود بن عبد العزيز، والأمير فهد بن عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود”،كما سيحضر الأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود، والأمير سطام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، والأمير حسام بن سعود بن عبد العزيز، والأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز آل سعود، والأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير منصور بن مقرن بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود.
وبالتزامن مع اقتراب وصول الملك سلمان إلى البرلمان، أغلقت قوات الأمن المصريّة قاعة البهو الفروعوني، المخصصة لجلوس النواب، وذلك في إطار الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها قوات الأمن المشرفة على تأمين زيارة العاهل السعودي، واضطر النواب للدخول إلى القاعة، وذلك بعد غلق “البهو الفرعوني”.
كما تمركزت قوات الحرس الجمهوري عند بوابات 1 و3 وبالتحديد عند الطريق المؤدي لمكتب الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، ومنع الأمن الصحفيين من الإقتراب من محيط المكان، وسحبوا موبايلات الأعضاء والصحفيين بمجرد دخولهم إلى المجلس.
على غير العادة، شهد مجلس النواب أجواء احتفالية، صباح الأحد احتفالا بزيارة الملك سلمان، وقامت أمانة المجلس بوضع بالونات ضخمة في حرم المجلس، فضلا على الأعلام السعودية والمصرية لتزينه، كما شهدت القاعة الرئيسة للبرلمان، والتي ألقى بها الملك سلمان كلمته، إذاعة عدد من الأغاني الوطنية بالتزامن مع اقتراب وصوله.
بعد ذلك اقترب اللحظة الموعودة في حضرة الشهود، وما هي إلّا دقائق فاصلة حتّى يدخل الملك سلمان بن عبد العزيز قاعة البرلمان.
صمت وهدوء وترقّب حذر، إذ بالمذيع الداخلي في البرلمان يعلن عن دخول خادم الحرمين الشريفين فنهض الجميع من مقاعدهم مصفّقين وهاتفين ومردّدين شعارات تمجّد الملك سلمان ودوره في النهوض بالأمّة والدفاع عن بيضتها.
رئيس مجلس النواب المصري يرحّب بالعاهل السعودي
بعد أن حيّى الملك سلمان الجماهير المتابعة من نواب ومسؤولين وحاضرين، بدأ رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال بالترحيب بضيف مصر على طريقة البروتوكولات، فقال عبد العال للعاهل السعودي “إن التاريخ لن ينسى “قيادتكم الجسورة لعاصفة الحزم لإنهاء أزمة اليمن الشقيق.”
وأضاف الدكتور علي عبد العال مرحبا بالملك السعودي “خلال عام واحد من توليكم الحكم، حققتم الكثير من الإنجازات وواصلتم مسيرة الحب والوفاء لمصر التى بدأها الملك عبد العزيز آل سعود..وقفتم بجانب مصر ضد حفنة ممن أرادوا خطفها” ومشيرا في الوقت نفسه إلى نجاح السعودية ومصر ودول الخليج في صد خطر داهم ومؤامرة حيكت للنيل من نسيج دول الخليج.
كما أكّد عبد العال أن السعودية سخرت كل إمكانياتها فى التصدى للمخاطر التى واجهت الدول العربية، واستخدمت إمكانياتها الدبلوماسية والإقتصادية ضد عزل مصر، وأنها عملت على الإعتراف بحق مصر الشرعي ضد كل كاذب ومضلل مضيفا أنّ مصر كانت حاضرة معكم وهي تخوض معاركها ضد الإرهاب، الذي يعيث في الأرض فسادا، وأن مصر قوة للعرب وأن العرب قوة لمصر، مشدّدا في ذات الخطاب على أنّ تعاون مصر والسعودية هو السبيل الأوحد لإجهاض أي مخططات ضد الأمة، والتعجيل بنهاية الإرهاب، قائلا “لنكن يداً واحدة في مواجهة المخططات، ولتكن يد الله فوق أيدينا.”
وختم عبد العال قائلا إن “المملكة سخرت كل ما حباها الله من نعم وهبات لخدمة قضايا عالمها العربي والإسلامي، ومنها الإستضافة للفصائل السورية المعارضة ثم إعلان تدشين تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب.”
وكانت كلمة رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال قد شهدت تصفيقا حارا فور ذكر اسم الملك سلمان من كافة أعضاء نواب المجلس والحاضرين.
الملك سلمان خطيب البرلمان
بعد كلمة عبد العال بدقائق، فتح المجال أمام العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، لإلقاء كلمته أمام البرلمان المصري، فقال “إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم في هذا اليوم الذي أسعد فيه بلقائكم في مجلسكم الموقر” مضيفا أن مجلس النواب المصري وعلى مدى سنوات طوال أسهم في تشكيل تاريخ مصر ووجهها الحضاري الحديث في مختلف جوانبه.
وقال العاهل السعودي “أود التأكيد على الدور المؤثر لمجلسكم في تعزيز العلاقات التاريخية بين بلدينا الشقيقين مضيفا أن القناعة الراسخة لدى الشعبين السعودي والمصري، بأن بلدينا شقيقان مترابطان، هي المرتكز الأساس لعلاقاتنا على كافة المستويات”.
وأضاف الملك سلمان “لقد أسهم أبناء مصر الشقيقة منذ عقود طويلة في مشاركتنا بالعمل والتنمية والبناء، ولا يزال بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية يسعد باستضافتهم”.
وتابع “إن معالجة قضايا أمتنا، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، تتطلب منا جميعاً وحدة الصف وجمع الكلمة، ويعد التعاون السعودي المصري الوثيق الذي نشهده اليوم ولله الحمد انطلاقة مباركة لعالمنا العربي والإسلامي لتحقيق توازن بعد سنوات من الاختلال، وانتهاجاً للعمل الجماعي والإستراتيجي بدلاً من التشتت، وقد أثبتت التجارب أن العمل ضمن تحالف مشترك يجعلنا أقوى، ويضمن تنسيق الجهود من خلال آليات عمل واضحة”.
وأردف الملك سلمان قائلا “من المهم أن تتحمل السلطات التنفيذية والتشريعية في دولنا مسؤولياتها الكاملة تجاه شعوبنا ومستقبل أمتنا، وأن نتعاون جميعاً من أجل تحقيق الأهداف المنشودة المشتركة التي تخدم تنمية أوطاننا” مشيرا إلى أنّ “لدى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية فرصة تاريخية لتحقيق قفزات اقتصادية هائلة من خلال التعاون بينهما”.
وأوضح العاهل السعودي أنّه تمّ “خلال اليومين الماضيين توقيع العديد من الإتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية والعقود الإستثمارية، كما اتفقنا على إنشاء جسر بري يربط بين بلدينا الشقيقين، وسيربط من خلالهما بين قارتي آسيا وإفريقيا، ليكون بوابة لإفريقيا، وسيسهم في رفع التبادل التجاري بين القارات، ويدعم صادرات البلدين إلى العالم، ويعزز الحركة الاقتصادية داخل مصر، فضلاً عن أن هذا الجسر يعد معبراً للمسافرين من حجاج ومعتمرين وسياح، وسيتيح فرص عمل لأبناء المنطقة. وقد كان من ثمرات الجسر الأولى ما تم الإتفاق عليه بالأمس للعمل على إنشاء منطقة تجارة حرة في شمال سيناء، وهذا سيساعد في توفير فرص عمل وتنمية المنطقة اقتصادياً، كما سيعزز الصادرات إلى دول العالم، وسنصبح أقوى بإذن الله باستثمار الفرص التي ستنعكس بعائد ضخم على مواطنينا وعلى الأجيال القادمة”.
وأكّد الملك سلمان أنّ “المهمة الأخرى التي ينبغي أن نعمل من أجلها سوياً تتمثل في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب الذي تؤكد الشواهد أن عالمنا العربي والإسلامي هو أكبر المتضررين منه، وقد أدركت المملكة العربية السعودية ضرورة توحيد الرؤى والمواقف لإيجاد حلول عملية لهذه الظاهرة، فتم تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وتنسيق الجهود بما يكفل معالجة شاملة لهذه الآفة، فكرياً وإعلامياً ومالياً وعسكرياً. كما أننا نعمل سوياً للمضي قدماً لإنشاء القوة العربية المشتركة” موضّحا في الوقت نفسه أن التعاون مع مصر سيعجل بالقضاء على الإرهاب.
وختم العاهل السعودي خطابه متوجّها إلى اللّه بالدعاء قائلا “أسأل الله عز وجل أن يديم على بلداننا نعمة الأمن والأمان، وأن يزيد من تماسك أوطاننا العربية والإسلامية، إنه ولي ذلك والقادر عليه”.
يذكر أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بدأ الخميس الماضي زيارة رسمية تستغرق 5 أيام إلى مصر، هي الأولى التي يقوم بها إلى هذا البلد منذ توليه السلطة مطلع العام الماضي.

