“خاص- وطن”- تشهد الفترة الراهنة تصاعدا في حدة غضب النقابات العمالية المصرية، لا سيما بعد تزايد انتهاكات الشرطة ضد الكثير من فئات المجتمع، فضلا عن الأجواء الأمنية غير المستقرة التي تشهدها البلاد.
تراجع سياسي وتقدم نقابي
في الوقت الذي تتراجع فيه بعض الأحزاب والقوى السياسية عن خوض معارك متعلقة بالحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية دفاعا عن باقي فئات المجتمع، تتجه عدد من النقابات المهنية لتبنى هذه المعارك، حتى أضحت هذه النقابات شوكة تؤرق ظهر السيسي.
انتهاكات الشرطة.. كلمة السر
ظهر جليًّا خلال الأحداث التي شهدتها الأسابيع الأخيرة الماضية، خاصة فى معركة نقابة الأطباء أن أمناء الشرطة هم كلمة السر في حشد النقابات وتوحد مواقفها، لا سيما بعد مطالبة نقابة الأطباء بمحاكمة أمناء شرطة اعتدوا على أطباء بمستشفى المطرية، وهى المعركة التى لاقت تضامنًا كبيرًا من نقابات مهنية، ليس فقط عبر التضامن مع الأطباء، بل من خلال رفض ممارسات ضباط وأفراد الشرطة.
معارك فئوية ومهنية
تعددت معارك النقابات المهنية بين مطالب تخص أعضائها فقط وأخرى تعتبر قضايا عامة تخص المواطنين، كان أبرزها خلال الشهور الماضية ملف الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكرامة الإنسان.
الأطباء.. احتجاج تأمين المستشفيات ومحاكمة الأمناء
بين عشية وضحاها، تحولت نقابة الأطباء في شارع قصر العينى، وسط القاهرة، إلى مركز للاحتجاجات وإدارة المواجهة مع وزارة الداخلية، وأصبحت مقرًّا لاستقبال وفود المتضامنين من النقابات المختلفة مع أصحاب البلطو الأبيض، بعد اعتداء أمناء شرطة على أطباء بمستشفى المطرية، وتم المطالبة بتقديمهم إلى المحاكمة.
ورغم أن الاعتداء الأخير جعل نقابة الأطباء في صدارة النقابات المهنية بمصر التي تخوض معارك متعلقة بكرامة أبنائها وحقوق المواطن بشكل عام، إلا أن النقابة خاضت خلال السنوات الخمس الماضية العديد من المعارك.
إضرابات ومطالبات
نظم الأطباء خلال السنوات الخمس الماضية نحو 3 إضرابات عامة، ومئات الفعاليات الاحتجاجية، ورفع خلالها الأطباء مطالب تتعلق بكرامة الطبيب، وزيادة ميزانية وزارة الصحة، وإقرار مشروع الكادر الخاص، والمطالبة بتغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات.
ودعا الأطباء في مايو 2011 لإضراب عام، للمطالبة بزيادة ميزانية وزارة الصحة، وإقرار مشروع الكادر وتأمين المستشفيات وتغليظ عقوبة الاعتداء عليها، وأقرت النقابة بحق إضراب أطباء أي مستشفى يتعرض طاقمه لاعتداء، لحين تأمينه، على خلفية اعتداء أحد المواطنين على طبيب بمستشفى مطروح العام أثناء تأدية عمله.
وفى أكتوبر 2012 دعت النقابة إلى إضراب عام، يحمل نفس مطالب الإضراب السابق، ودعت النقابة إلى إضراب آخر في مارس 2014، لرفض قانون تنظيم المهن الطبية، بديلا عن قانون الكادر.
الصحفيون.. باحثون عن الحقيقة
ارتبطت نقابة الصحفيين، وخاصة سلالم النقابة، بالتحركات والوقفات والمظاهرات المتعلقة بالحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ليس فقط للصحفيين، وإنما للشعب المصري كله، الذي حول العديد من نشطائه سلالم النقابة إلى مكان احتجاج دائم أو منصة لانطلاق مسيراتهم واحتجاجاتهم.
فصول من الصدام مع السادات
وتحولت نقابة الصحفيين إلى قلعة للمطالبة بالحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين كافة، خاصة وأن طبيعة المهنة دفعت النقابة لخوض العديد من المعارك، المعنية بقضايا الحريات وحبس الصحفيين والرقابة على الصحف، في الأربعينيات وبداية الخمسينيات، في ظل حكومة الوفد، إلا أن النقابة خاضت واحدة من أشرس معاركها ضد نظام الرئيس السادات بعد زيارته القدس، ومحاولته طرح قوانين لتقييد الحريات والتضييق على الصحفيين وخاصة المعارضين له، الذين طالب بفصلهم من النقابة، بعد قرار نقابة الصحفيين حظر التطبيع النقابى والمهنى والشخصى، ليرفع شيخ الصحفيين، كامل زهيرى، شعار العضوية كالجنسية وتنتصر النقابة في معركتها.
المهندسين.. صراع مرير مع وزارة الري
شارك أكثر من 1000 مهندس في وقفة احتجاجية نظمتها نقابة المهندسين، أمام مقرها في القاهرة، السبت، 6 فبراير الماضى، ورفع المهندسون، خلال وقفتهم، العديد من المطالب، إلا أن القضية المركزية، التي دعا منظمو الوقفة لها، كانت الأزمة بين النقابة ووزارة الرى، بخصوص مشاكل المهندسين العاملين بالوزارة.
وتخوض النقابة، صراعًا مع وزارة الرى منذ 18 شهرًا، من أجل تحسين أوضاع المهندسين العاملين بالوزارة، وتقول غادة عماد: مرتبات زملائنا العاملين بوزارة الرى متدنية جدًا، وعقدنا اجتماعات مع الوزارة، في المحافظات على مدار 18 شهرًا لحل المشكلة، دون جدوى.
مطالبات بتحسين الرواتب
كما تخوض النقابة معركة أخرى مع الإدارة المحلية، من خلال المطالبة بتحسين ظروف عمل المهندسين العاملين بالمحليات، تقول عضو مجلس نقابة المهندسين، غادة عماد: مهندسو المحليات مرتباتهم متدنية جدا تصل إلى 700 جنيه في بعض الأحيان، لكنهم في نفس الوقت يوقعون على أوراق بملايين الجنيهات، ترخيصات، ومشاريع بملايين، ما يهدد استقرارهم، ونطالب بتحسين أوضاعهم، كى يستطيعوا أداء مهامهم دون التعرض لمؤثرات خارجية.
المحامون والداخلية.. أزمة تشتعل
حاول الرئيس عبدالفتاح السيسى تهدئة الأزمة المشتعلة بين نقابة المحامين ووزارة الداخلية، على خلفية اعتداء ضابط على محامٍ فى مدينة فارسكور، بتدخل مباشر منه، خلال كلمته بمناسبة افتتاح عدد من المشروعات التنموية، يونيو الماضي.
يقول ماجد عبداللطيف، عضو مجلس النقابة: هذه المعركة واحدة من معارك عديدة خاضتها نقابة المحامين دفاعًا عن كرامة أبنائها؛ مثل معركة محامى قسم المطرية، حال اعتداء أحد أمناء الشرطة على زميل.
ضرورة الاحتكاك
ويتجاوز عدد أعضاء نقابة المحامين الـ 550 ألف محام، تجبرهم مهنتهم على الاحتكاك بجهاز الشرطة والسلطة القضائية، ما ينعكس على معظم المعارك التي تخوضها النقابة على المستويين العام أو الفرعي.
وبجانب المعارك التي تخوضها النقابة العامة، تخوض النقابات الفرعية معارك فى نفس السياق، منها الإضراب عن العمل، الذى خاضه عشرات المحامين، نهاية يناير الماضي، فى مركز نصر النوبة، شمال محافظة أسوان، وتجمعهم داخل محكمة نصر النوبة الجزئية، بعد مشادة كلامية نشبت بين أحد المحامين ورئيس المحكمة.

