(خاص – وطن) شهدت العلاقات التركية المصرية عدة توترات خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي شهر يوليو عام 2013، وتعقد المشهد السياسي بين القاهرة وأنقرة بشكل خاص مع وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم.
العلاقات خلال حكم مرسي
كان وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم متمثلة في الرئيس الأسبق محمد مرسي بمثابة خط الاتصال الجديد بين تركيا ومصر، حيث بدأت العلاقات بين البلدين تسير نحو فتح صفحة جديدة من التعاون في كافة المجالات، وظلت العلاقات تتحسن وتشهد توقيع العشرات من العقود والاتفاقيات ومذكرات التفاهم بالعديد من المجالات والملفات الثنائية والإقليمية، حتى أصبحت علاقات أنقرة والقاهرة خلال هذا العام واحدة من أقوى العلاقات الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط.
بداية التوترات
جاء شهر يوليو 2013 ليقلب الموازين السياسية، ويبدأ عهد العداء التركي لمصر الذي كرسه صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، لاسيما وأنه أغضب أنقرة كثيرا إبعاد الإخوان عن الحكم، حيث كان صعود الجماعة في كل من مصر وتونس وليبيا في نفس التوقيت تقريبًا بمثابة صعود لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وهو في النهاية صعود قوي لنجم رئيس الوزراء التركي حينئذ رجب طيب أردوغان.
تمسك القيادة التركية بورقة الإخوان ووصف الحكم في مصر بأنه انقلابي جعل العلاقات بين البلدين تعود مئات الأميال إلى الوراء، حيث بدأت المناوشات الكلامية والتصريحات المعادية وقطع شبه كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
تركيا تطالب بفرض عقوبات
وصل الأمر إلى أن طالبت تركيا مجلس الأمن فى عام 2013 بفرض عقوبات على الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأمر الذي ردت عليه مصر فى 2014 بالضغط ضد ترشح تركيا للحصول على مقعد فى مجلس الأمن، ووصلت العلاقة لقمة التدهور بعد التصريحات التركية بشأن المظاهرات الإخوانية في مصر والتعليق على أحكام القضاء، واستمرار الإدارة التركية في شن الهجمات الكلامية ضد مصر في كل محفل دولي.
مصالح متنافرة
ليس خافياً على أحد أن لمصر وتركيا دوائرهما ومصالحهما وحساباتهما التي تتباعد أكثر مما تتقارب فهناك عوائق تاريخية وسياسية لعبت بإستمرار دوراً في عدم الوصول إلى التقارب التركي المصري الحقيقي، كما أن هناك قضايا ولاعبين إقليميين ودوليين استفادوا من تراجع العلاقات بين البلدين وساهموا في تأجيلها عبر صب الزيت فوق نار التوتر بينهما.
وليس جديداً أن نقول إن هناك أصوات في مصر ما زالت تردد أن تركيا خطر على مصر، وأصوات في أنقرة تقول إن مصر هي التي حاولت أن تلعب ورقة شرق المتوسط في موضوع التنقيب عن النفط والغاز هناك ضد تركيا عبر التحرك باتجاه اليونان وقبرص اليونانية بعدما كانت القيادات التركية المصرية السبّاقة في الدعوة إلى التوجه المشترك على طريق تعزيز التنسيق والتعاون الإقليمي إلى بناء شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل وإزالة حالة الشحن والتوتر التي تعيشها المنطقة.
العلاقات نحو توتر يتصاعد
التوتر في العلاقات المصرية مع تركيا مرشح للتصاعد والتأزم على نحو أوضح وأكبر خلال الفترة المقبلة، فالعلاقة باتت طردية بين استقرار مصر وتوتر العلاقات المشتركة مع تركيا، كما أن العلاقات بين الطرفين ستشهد في المرحلة المقبلة تجييش مؤسسات المجتمع المدني، وخطوة تجميد العلاقات الدبلوماسية لن تكفِ بعد هذا التوتر وإن القناعة لدى القيادتين المصرية التركية اليوم هي أبعد من نقاش الرغبة عندهما في الانفتاح بل إقحام الشعبين التركي والمصري في هذه المواجهة، ستكون أول ارتداداتها وانعكاساتها من خلال المواجهة.
محاولات التقارب
يمكن تلخيص هذه المحاولات التي لم تنجح حتى الآن في التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، الذي تحلى بشجاعة الكشف عن عقده لقاءات متعددة مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورد وزير الخارجية المصري على هذه التصريحات التي أدلى بها نظيره التركي في الرياض بأنه ليس هناك ما يسمى بالحديث عن شروط، وإنما هناك معايير دولية إذا تحققت ستعود العلاقات إلى طبيعتها تلقائيا.
وإجمالا، فإنه يمكن القول بأن ما يدور خلال أشهر سواء من محاولات تركية مصرية لاستعادة العلاقات أو من خلال محاولات أطراف ثالثة في مقدمتها السعودية لطي صفحة الخلافات بين مصر وتركيا، إنما يشكل ما يمكن تسميته بإرهاصات العودة، لكن وجود هذه الإرهاصات قد لايعني بالضرورة أن كل الأمور ستحل بين عشية وضحاها.
القمة الإسلامية.. هل تكون الحل؟
أكد مصدر دبلوماسي أن مصر تسلمت دعوة رسمية من تركيا لحضور القمة الإسلامية المقرر عقدها فى إبريل المقبل بإسطنبول، والتي من المقرر أن تنتقل فيها رئاسة القمة من مصر لتركيا، موضحا أنه تم تسليم الدعوة في القاهرة عبر سفارة تركيا والقائم بالأعمال.
وقال المصدر، إن مستوى تمثيل مصر في القمة سيكون دون المستوى الرئاسي، لافتا إلى أنه مستبعد أن يحضر الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا فى الوقت ذاته أنه لم يتم بحث مستوى التمثيل، وأنه مازال هناك وقت طويل لحسم الأمر، متوقعا أن يكون تمثيل مصر منخفضا.

