وطن _ “إنه الموت .. سواء بالقتل أو بالسرطان، لن يتغير شيء، سواء بالأباتشي أو بالسكتة القلبية، على أني أفضل الأباتشي.” هكذا قالها مصحوبة بابتسامة الواثق، فسلام على الذين لا يخافون الموت، سلام على عبد العزيز الرنتيسي.
مشيرًا إلى سلاحه، قالها: “هذا هو الطريق”، يعانق بالكلمات، كل الذين رأوا أن الطريق إلى فلسطين لا يمر إلا من فهوة بندقية.
عمل عبد العزيز الرنتيسي في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرًا في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات، اعتقل عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، أسس مع مجموعة من نشطاء الحركة الإسلامية في قطاع غزة تنظيم حركة المقاومة الإسلامية حماس في القطاع عام 1987 وكان أول من اعتقل من قادة الحركة بعد إشعال حركته الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987، وفي 15 يناير 1988 جرى اعتقاله لمدة 21 يوماً بعد عراكٍ بالأيدي بينه وبين جنود الاحتلال.
ثم أبعده الاحتلال لاحقاً في السابع عشر من ديسمبر عام 1992 مع أكثر من 400 شخص من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان في المنطقة المعروفة بمرج الزهور، حيث برز كناطق رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة، فور عودته من مرج الزهور اعتقلته قوات الاحتلال وظل محتجزاً حتى أواسط عام 1997.
بعد أقل من عام من خروجه من سجون الاحتلال اعتقلته السلطة الفلسطينية في 10 ابريل 1998 بضغطٍ من الاحتلال، كما أقرّ له بذلك بعض المسؤولين الأمنيين في السلطة الفلسطينية وأفرج عنه بعد 15 شهرًا بسبب وفاة والدته، ثم أعيد للاعتقال بعدها ثلاث مرات ليفرَج عنه بعد أن خاض إضراباً عن الطعام، قصف الاحتلال خلالها المعتقل، لينهي بذلك ما مجموعه 27 شهراً في سجون السلطة الفلسطينية.
أغلب صوره المستقرة في الرؤوس مع رفيق الدرب، الشيخ أحمد يس، يدفع كرسيه المتحرك، لا يتخلى أحدهما عن ابتسامته مادام مصاحبًا للآخر، استشهد يس ، فأعلنها قوية، ” نقول لشهدائنا نحن على العهد.. خلفكم سنسير”.
بعدها بايعته الحركة خليفة لياسين في الداخل، وفي أول قيادة له أمر بتنفيذ عملية ميناء أشدود، والمشار إليها بالعملية التي قتلته.
مساء 17 أبريل 2004، حلقت مروحية تابعة لجيش الاحتلال، قريبًا من سيارة بها اثنان وفي لحظة خاطفة أطلقت صاروخًا على السيارة وابتعدت، استشهد الأول سريعًا، بينما نقلت سيارات الإسعاف شخصًا تعرف عليه الجميع “الرنتيسي”، وعلى سرير الطوارئ لحق الشهيد بمرافقه، ليلحقا الاثنين بالرفيق القعيد “يس اليوم بيلقاه “.
ماتوا على العهد المعلن ” يافا كغزة .. وتل الزهور كرفح، والجليل كالخليل .. لا نفرق بين شبر وشبر من فلسطين”.

